(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ، والله هو الغني الحميد)فاطر15.
إن حاجات الإنسان لا تنهتي ،فما إن يلبي حاجة إلى وتظهر له أخرى ويبقى على هذه الحالة حتى مماته ،ولنضرب مثلا فبالمثال يتضح المقال : لو افترضنا موظفا تمت ترقيته من درجة إلى درجة أعلى .هذه الأخيرة تفتح له أبوابا أخرى من المتطلبات فتجعله محتاجا وفقيرا مرة أخرى ،وبذلك لا يوجد في الكون إنسان غني بصفة مطلقة ،ويحدث هذا في جميع جوانب شخصيته.
ففي الجانب المادي، فمهما جمع الإنسان من حطام الدنيا يبدو له قليلا .قال تعالى
قل متاع الدنيا قليل)النساء77.فالنفس الإنسانية لا تقنع بقليل ولا تشبع من كثير فهي كجهنم يقال لها هل امتلأت ؟ فتقول هل من مزيد؟وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :"لو أن ابن آدم أعطي واديا من ذهب لأحب ثانيا ،ولو أعطي ثانيا لأحب إليه ثالثا ولا يسد جوف ابن آدم إلا التراب ،ويتوب الله على من تاب"رواه البخاري. فالدنيا كالماء المالح كلما ازداد المرء منه شربا كلما ازداد عطشا.
وفي الجانب العلمي ،فمهما تعمق الإنسان من علم يبدو له قليلا،فلا يمكنه أن يعرف كل شيئ ،قال تعالى
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)الإسراء85.وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:"منهومان لا يشبعان:طالب علم وطالب دنيا"صححه الألباني.
وفي الجانب النفسي ،فالإنسان محتاج إلى الحب و الاهتمام والتقدير طول حياته ، منذ صغره إلى شيخوخته ،فهو لا يشبع من الحب والتقدير لذا قيل :"الحب لا يعرف الرضا".
وفي الجانب الصحي ،فنزلة برد تجعل الإنسان مريضا طريح الفراش ،وحياته بشكل عام تتأرجح بين الصحة والمرض منذ صغره حتى وفاته.
وفي جانب العبادات ،فمهما اجتهد الإنسان في أداء الفرائض والقيام بالنوافل فهو دائما يشعر بالتقصير .
نخلص إذا أن الإنسان في جميع جوانبه محتاج إلى المزيد.فلا يمكنه أن يصل إلى درجة الإشباع التام.وبذلك فهو إنسان فقير.
قال تعالى
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ، والله هو الغني الحميد)فاطر15.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.آمين يارب العالمين.