تعريف العزة : العزة هي الشرف والندرة والتميز ،وتكون بمعنى الغلبة والقوة.وضدها الذلة.قال تعالى
وعزني في الخطاب)ص23.أي غلبني في الخطاب.
و"العزيز" إسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته تعالى.قال تعالى
وما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز)الحج74.
والعزة وهبية وكسبية : فالله عزوجل يهبها لمن يشاء من عباده مصداقا لقوله تعالى
قل اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير ،إنك على كل شيئ قدير)آل عمران 26.
وكل شيئ يستمد ويكتسب صفة العزة باتصاله بالعزيز وهو الله تعالى ،فالقرآن الكريم كتاب عزيز مصداقا لقوله تعالى
وإنه لكتاب عزيز) فصلت41. أي غالب بقوة الحجة ،لا نظير له لما احتوى عليه من الإعجاز ،يدفع كل جاحد ويقمع كل معاند ،لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات ،ولا مجال للطعن فيه لأنه منزل من رب العالمين.
والمسلم الحق إنسان عزيز يستمد العزة من الله عز وجل من خلال طاعته تعالى،وذلك بالعمل بالقرآن الكريم الكتاب العزيز الذي هو كلامه تعالى.
قال تعالى
من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)فاطر10.
أي من كان يريد العزة الكاملة والسعادة الشاملة فليطلبها من الله تعالى وحده،فإن العزة كلها لله جل وعلا. قال بعض العارفين :"من أراد عز الدارين فليطع العزيز".
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"نحن كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ،فمن طلب العز بغيره أذله الله".
فكلما أطاع الإنسان لله عزوجل وتذلل أمامه منحه العزة ،وكلما تذلل لمخلوق ازداد ذلا.
قال الشاعر:
اجعل لربك كل عز***** ك يستقر ويثبــــــت.
فإذا اعتززت بمن يمو*****ت فإنك عزك ميت.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا،وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.آمين يارب العالمين.
إن طاعة الله عزوجل والتذلل له سبيل إلى العزة والكرامة،أما التذلل لغير الله تعالى فسبيل إلى المذلة والمهانة ومنشأ المشاكل والأمراض النفسية وسبيل إلى الدخول إلى جهنم.قال تعالى
فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين)الشعراء213.
إن المؤمن إنسان عزيز بالله تعالى ،فهو صاحب شرف وكرامة ،وإن ظهر للناس الغافلين من المنافقين بخلاف ذلك. قال تعالى
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)المنافقون8.
لكن المؤمن قد يتعرض للذل لأسباب قدرية أي ابتلاء من الله عزوجل ،فهو تعالى المعز المذل ،القابض الباسط ،الضار النافع ،المانع المعطي .فهو تعالى يقبض ليبسط ،يضر لينفع ،يمنع ليعطي ،يذل ليعز ، فالصالحون يتعرضون للذل في البداية، لكن مع صبرهم لله تعالى وتشبثهم بالحق ينالون العزة والشرف في النهاية .
وكما أن الطاعة لله عزوجل سبيل إلى العزة والكرامة ،فإن العصيان سبيل إلى المذلة والمهانة ،وهذا ما يلاحظ في واقع الحياة ،وهذه سنة من سنن الله في الغافلين و الملحدين ومن الكفار والمنافقين. قال تعالى
إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم) المجادلة 5. كبتوا:أذلوا وأهلكوا.
قال تعالى
إن الذين يحادون الله ورسوله ،أولئك في الأذلين) المجادلة20.
يحادون :أي يخالفون ويعاندون.
إن عمل السيئات لا يتوافق مع تعاليم الدين ،و لا يتوافق مع الفطرة السليمة ،فهو ينعكس على صاحبه طبقا لسنة الجزاء من جنس العمل ، فهو يكسب صاحبه سيئات مرفوقة بسواد في الوجه ومذله ومهانة،وهوسبيل إلى جهنم.
وقال تعالى
والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما)يونس27.
اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك،وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ،آمين يارب العالمين.