من أسماء الله الحسنى "النور"
النور لغة هو الضوء ،وضده الظلام. واصطلاحا :هوالوضوح و البيان.
والنور نوعان: حسي ومعنوي.
فالنور الحسي المادي هو الذي يدرك بعين البصر كضوء الشمس ونور القمر والنجوم وضوء المصباح وضوء النار في الشمعة ،أوفي الحطب ،هذا النور ينعم به كل الناس برهم وفاجرهم ،مؤمنهم وكافرهم.ولولا هذا النور ما عرفنا عدد الأيام والشهور والسنين، قال تعالى
هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ،ما خلق الله ذلك إلا بالحق ،يفصل الآيات لقوم يعلمون) يونس5.
والنور المعنوي هو ما يدرك بعين البصيرة ،ويتمثل في نور العقيدة الصحيحة والقيم والأخلاق الفاضلة والأفكار السديدة، وهذا النور يجعلك تسير في الحياة على هدى وبصيرة ،فتكون رؤيتك لأمور الحياة رؤية صحيحة ،و لديك مناعة وحصانة من النظريات والفلسفات الباطلة. وهذا النور ينعم به المؤمن بشكل خاص.
فإذا تأملنا الشوارع في ليل مظلم تكون مضيئة بنور محدود منبعث من المصابيح التي صنعها البشر،فإذا جاء الصباح سلطت الشمس أشعتها الضوئية فكانت عامة وقوية،فيضعف ضوء المصابيح فيبهت وينعدم وكأنه لا شيء،فالضوء الحسي البشري لا يساوي شيئا أمام الضوء الحسي الإلهي.
فكذلك على الصعيد المعنوي والقيمي ،فإن النور الإلهي المتمثل في التعاليم السماوية مهيمن ومسيطر على أفكار البشر وفلسفاتهم التي من خصائصها النقص والقصور.
إن "النور" اسم من أسماء الله الحسنى، فهو النور جل شأنه الذي نور العوالم فأوجدها من العدم ونور الوجود بالشمس والكواكب ،ونور الأرواح بالكتب السماوية ونور العارفين بأنوار معرفته،ونور قلوب المتقين بمحاسن الأخلاق .قال تعالى
الله نور السماوات والأرض) النور 35.
فالله عز وجل هو المصدر الأصلي للنور ،وكل شيئ يستمد النور باتصاله بالنور ،فإذا طاب المنبع عذبت الفروع،فالقرآن كلام الله نور ،ودين الله ( الإسلام ) نور ،ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم نور، العلماء نور ،والمؤمن نور.
قال تعالى
ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ) النور 40.وقال تعالى
يهدي الله لنوره من يشاء)النور35.
فكل من هداه الله لدين الإسلام فهو يحظى بالنور الرباني مصدر السعادة الحقيقية في الحياة الدنيا والآخرة .قال تعالى
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) الزمر 22.
ملحوظة: سنواصل الحديث في نفس الموضوع لا حقا إن شاء الله تعالى.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا ومنار حياتنا واجعله شفيعا لنا يوم القيامة .آمين يارب العالمين.
من أسماء الله الحسنى"النور"(2).
ذكرنا سابقا أن كل شيئ يستمد النور باتصاله بالنور وهو الله تعالى ،فالقرآن الكرم كلام الله تعالى نور.قال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) النساء147.
وأنزلنا إليكم نورا مبينا : أي أنزلنا عليكم القرآن ذلك النور الوضاء المبدد للظلمات.
إن الغاية من إنزال القرآن الكريم هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
قال تعالى
كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد)إبراهيم1.
فالقرآن الكريم نور يبدد ظلمات الجهل والوهم ،فبفضله تنكشف حقائق الأشياء وتتبدد الأوهام.قال تعالى
يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) النساء174. نورا مبينا: أي يكشف ويظهر لكم حقائق الأمور،فبفضله نرى الحق حقا والباطل باطلا.
ويقول تعالى
فآمنوا بالله ورسوله ،والنور الذي أنزلنا ) التغابن8.
أي فصدقوا بالله وبرسوله وبهذا القرآن الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ،فإنه النور الوضاء المبدد للشبهات كما يبدد النور الظلمات.
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :"من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" حديث حسن.
والرسول صلى الله عليه وسلم نور وصفه الله تعالى بالسراج المنير،قال تعالى
يا أيها النبيئ إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا* وداعيا بإذنه وسراجا منيرا)الأحزاب 45-46.
فهو صلى الله عليه وسلم نور ،وولادته كانت مرفوقة بالنور الحسي ،ففي الحديث الشريف :قال رسول الله عليه وسلم :"إني عند الله مكتوب خاتم النبيين ،وإن آدم لمنجدل (ملقى على الأرض) في طينته ،وسأخبركم بأول أمري :دعوة ابراهيم وبشارة عيسى ،ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني ،وقد خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام" صححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني في المشكاة.
والرسول صلى الله عليه وسلم يستمد النور من الله عزوجل ، كان صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى عند ذهابه إلى المسجد:"اللهم اجعل في قلبي نورا،وفي لساني نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا ،اللهم أعطني نورا.."متفق عليه.
ملحوظة : سنتطرق لاحقا إن شاء الله تعالى إلى النور الذي يحظى به المؤمن في الدنيا والآخرة.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا ومنار حياتنا واجعله شفيعا لنا يوم القيامة .